بين سهول وهضاب جبال عقبة الهمامة بمعتمدية الكريب من ولاية سليانة، تتجه الشابة حنان الطالبي بخطى ثابتة ومتسارعة نحو قن الدجاج لملء وعاء القمح، لتنطلق معه أولى خطوات حلمها، متحدية صعوبة الحياة وظروفها الصعبة.
تستوقفك ملامح شابة مكافحة، ترابط بين قن الدجاج والديك الرومي لساعات، مقدمة ببنيتها الجسدية المتواضعة، على مهنة مرهقة تستحضر معها مقولة راسخة في مخيلة الجميع من كد وجد ومن زرع حصد، فتنساق وراء رغبتك الملحة في اكتشاف عالمها الصغير الذي بات حديث كل صغير وكبير في كامل معتمدية الكريب وجميع عماداتها.
تمشى بخطى ثابتة مرفوعة الرأس واثقة في نفسها، ترتدي ميدعة زرقاء وحذاء طويلا ، لتتجه إلي بيت صغير جعلت منه منزلا وملاذا أمنا لفراخها، حيتهم بابتسامتها المعتادة فأجابوها بنقنقة كأنها سمفونية تعبيرا منهم عن فرحهم بقدومها.
حنان الطالبي، شابة ثلاثينية أصيلة منطقة أولاد طالب من عمادة برج المسعودي التابعة لمعتمدية الكريب، صاحبة شهادة عليا في إختصاص البيوتكنولوجيا، إختارت أن تكون صاحبة مشروع دجاج الضيعة التقليدي لكن بطريقة عصرية.
حنان الطالبي، شابة ثلاثينية أصيلة منطقة أولاد طالب من عمادة برج المسعودي التابعة لمعتمدية الكريب، صاحبة شهادة عليا في إختصاص البيوتكنولوجيا، إختارت أن تكون صاحبة لكن بطريقة عصرية.
حنان إمرأة تونسية شابة، لم تبحث عن العمل بمقابل وإستثمرت في الفلاحة لتقنع بذلك شباب منطقتها أن الأبواب مفتوحة وليست بموصدة فمن يريد يستطيع، حنان قصة نجاح شابة وعنوان سعي لا يكل من أجل تحقيق حلم، أحبت المجال الفلاحي وآمنت بآفاقها خاصة بعد ان تلقت في بداياتها دعما من منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية ساعدها في مهمتها، وكان ذلك بعد أن عثرت على دعوة لتقديم طلبات على صفحة المنظمة على مواقع التواصل الإجتماعي، وقامت إثرها بجملة من الدورات التدريبية إلى أن أصبحت خبيرة في المجال.
بإبتسامتها العريضة، ونبرات صوتها العالية، تحدثت حنان الطالبي لصحفيةوات من أحد أركان القن المتواضع، تحيط بها مختلف طيور الدجاج لتقدم لها نوعا طبيعيا من الأعلاف، وتسقيهم كميات من الماء، عادة تكررها لأكثر من مرة في اليوم.
بكل ثقة في النفس، سردت حنان مسيرتها الدراسية والمهنية، فهي خريجة جامعية منذ سنة 2016، بادرت منذ فترة دراستها في البحث عن فكرة مشروع، ايمانا منها بقدرتها على أن تكون يوما ما صاحبة مشروع، فتكونت لديها ثقافة المؤسسة وبعث المشاريع.
قامت حنان قبل الانطلاق في بعث مشروعها، بدراسة حول خصوصية المنطقة والإمكانيات المتاحة بها والمشاريع التي تتماشى مع المناخ ومع بقية الخصائص الفلاحية الأخرى خاصة وانها منطقة فلاحية تبعد حوالي 17 كم على مدينة الكريب، واصلت حنان حديثها وهي محاطة بعشرات الدجاج، يصدرون أصواتا كأنهم مسرورين بجلوسها بجانبهم، لتؤكد ان مشروع دجاج الضيعة مشروع مربح و ذو مردودية.
لفتت إلى أن عددا هاما من النساء ممن سبقنها في التجربة، إعتمدوا الطريقة التقليدية في تربية دجاج الضيعة ليختفوا جميعا حال إصابتها بأحد الأمراض التي تصيب الدجاج، فضلا عن الأسعار غير المدروسة التي لا تتماشي مع التكلفة، مرددة قولها أنا جئت لا لتنظيم القطاع بل لاعتماد طرق عصرية علمية تشمل المداواة والتلاقيح حتى يعي المربي بقيمة منتوجه وأهميته
اعترفت وهي تبتسم، أنها تشترك مع دجاجها في وقت الاستيقاظ في حدود الثامنة صباحا قائلة الدجاج اعتاد علي، فانا أتواصل معهم يوميا وأعرف جيدا حالتهم النفسية، هي علاقة متينة ليست بعلاقة منتج بمستهلك، واشارت الى ان الفترة الضوئية الخاصة بالدجاج (موعد الاستيقاظ) لها دور في إنتاج كميات هامة من البيض.
وبخصوص أنواع الدجاجة التي تربيها، بينت حنان أنها تتوزع الى دجاج البراهمة أو دجاج الملوك، نظرته حادة وحساس لا يبحث عن طعامه وحده بل يوفر له المربي كل مستلزماته، ويبلغ سعر الزوج 120 دينارا ويبلغ سعر ال4 بيضات 20 دينارا على اعتبار انه نوع نادر جدا، الى جانب الدجاج العادي والدجاج الكبير والديك الرومي، وهي تعتمد في تغذيتهم على الأعلاف الطبيعية.
وبالتوازي مع الاعتناء بمشروعها، تؤمن حنان الطالبي مرافقة وتأطير المستثمرين الشبان وفلاحي المنطقة، فضلا عن أنها ناشطة بالمجتمع المدني منذ سنوات، وهو ما سهل اندماجها في سوق الشغل وإقبال عدد هام من الحرفاء سواء من ولاية سليانة أو الولايات المجاورة على منتوجها.
واجهت حنان العديد من الصعوبات خاصة في النفاذ إلى التمويل والتأطير وتهرؤ البنية التحتية، وطالبت بالمناسبة السلط المعنية بتمكين الشباب من الأراضي الدولية لبعث مشاريعهم خاصة أن معتمدية الكريب تحتوي على رصيد هام من الأراضي الدولية، وقالت ان أحد المؤطرين أمن بها وبقدراتها منذ بدايتها فدعمها معنويا وماديا، اضافة الى جميع أفراد عائلتها المتكونة من 6 أفراد.
الفيديو :