أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

"الحاجة أمّ الإختراع" : شاب تونسي كفيف يخترع جهازا كاشفا للحواجز لمساعدة المكفوفين (فيديو)

قصة إبداع أخرى تشقّ طريقها إلى النجاح بثبات، قوّضت مقولة "فاقد الشيء لا يعطيه"، وأكّدت مقولة "الحاجة أمّ الاختراع"، قصة الشاب الثلاثيني هيثم حداد الذي لم يمنعه فقدان البصر من اختراع كاشف للحواجز لإرشاد المكفوفين أثناء تنقّلهم.

بخطى ثابتة، سار هيثم إلى ركنه المعهود على طاولة في مطبخه، احتلّ ثلاثة أرباعها رفّ صغير يحفظ محتوياتها وأمامه تناثرت آلاته ومفكّات البراغي الدقيقة.

تداعب أنامله القطع الواحدة تلوى الأخرى في حركة رتيبة ترفع هذه وتشدّ هذه ويتأكّد من ثبات الأخرى.

هيثم حداد، هو الشاب الذي بدأ حياته مبصرًا وغادر الدراسة سنة 2000 رغم تميزه في مادتي الرياضيات والفيزياء دونًا عن بقية المواد، وعمل في مشروع خاص قبل أن يفقد بصره سنة 2005.

بدأ هيثم الاختراع بفكرة راودته بعد محادثة في مجموعة خاصة بالمكفوفين من دول عربية عديدة، أجمع الأعضاء فيها على انتقاد النفاذ لوسائل النقل والفضاءات العامة أمام استقالة الدول عن دورها في هذا الجانب. الأمر الذي دفع بهيثم للبحث عن الحلّ انطلاقًا من التفكير في التصور لهذا الكاشف، وفهم لمبدئه وتحديد المكوّنات، واطلاع وبحث وتعلّم ذاتي للبرامج تطلّبها تطبيق الفكرة امتدت ثلاثة أشهر قبل أن يصنع أول جهاز كاشف للحواجز.

الجهاز عبارة عن كاشف يستشعر الحواجز ويصدر إنذارًا لحامله، ويتكون من محمل ولاقط في حجم الهاتف، يتم تعديل المسافة المعنية بالكشف يدويًّا من 0 إلى 4 متر، ويحدد المستعمل اتجاهه ويضبط وضعيته في حالتي رنان أو هزّاز، وهي خصائص تميزها عن العصا البيضاء التي لا يزيد مسافة الكشف فيها عن 1,20 متر. ويبلغ سعره 300 دينار تونسي في حين يتم بيع جهاز شبيه في الخارج بحوالي 900 أورو.

خرج مشروع هيثم إلى النور عندما تعرّف على مجموعة "مع بعضنا نلمو les bouchons d’amour"، الذي اختار تخصيص عائدات بيع أغطية القوارير البلاستيكية لشهري سبتمبر وأكتوبر لشراء عصي ذكية أو كاشفات للحواجز من هيثم لفائدة عدد من المكفوفين، كان التحدي التمكن من شراء جهاز واحد، لكنه انتهى باقتناء 19 منها.

تهدف المبادرة بحسب محمد تيسير النهدي، منسق المجموعة، إلى "تسليط الضوء على المكفوفين المحرومين من حقهم في أبسط مقومات العيش الكريم وضمان نفاذهم لوسائل النقل العمومي والفضاءات العامة وحريتهم في التنقل"، بالإضافة إلى خلق مواطن شغل جديدة وخاصة الترويج لاختراع هيثم. أول المنتفعين بكاشف الحواجز في إطار المبادرة، كان كفيفًا رياضيًا رحّب بهذا الجهاز وفاعليته الذي سيكون بمثابة دافع لمواصلة نشاطه الرياضي.

الفيديو :