تتكدس المعادن القديمة، من مذياع قديم وقطع غيار سيارات متآكلة ومسامير صدئة وكراسٍ مُتلفة وأسلاك الحديد البالية، وحتى فواضل الدراجات النارية وسلاسل الدراجات الهوائية، في غرفة صغيرة على سطح منزل يامن عبدلي، الذي جعل منها ورشة لإعادة تدوير النفايات الحديدية.
نصف مروحة، جنزير دراجة هوائية، مقود، قضبان حديدية، عجلات عربات صغيرة، أسلاك وغيرها من مختلف أنواع الخردة.. ليست مواد ملقاة في مكبات القمامة أو مخازن تجميع الخردة، بل اعتاد أن يرصفها بشكل عشوائي في ركن صغير على سطح البيت، هو الذي عشق تشكيل مجسمات ومنحوتات من الخردة.
اعتمد عبدلي على تلك النفايات الحديدية مادةً أولية لصنع قطع فنية مختلفة الأحجام ومتنوعة الأشكال، ومثالاً لخلق الجمال من القمامة.
يعمل يامن عبدلي، (42 سنة)، مستشارا للتدريب في الوكالة التونسية للتكوين المهني، وهو مختص في الفن التشكيلي والنحت على المعادن.
اتخذ عبدلي من ورشته الصغيرة مكانا لممارسة هوايته المتمثلة في تدوير النفايات الحديدية والخُردة، وتحويلها إلى أعمال فنية، كالتحف والمجسمات، خلال أوقات فراغه، بعد أن كان يرسم بالريشة والألوان على اللوحات في مرحلة أولى، ثم انتقل إلى النحت على الخشب في مرحلة ثانية.
أنتج يامن أول عمل فني من " الخردة" سنة 2010، خلال مشاركته في أحد المعارض المحلية، وشكل ذلك العمل نقطة التحول في مسيرته الفنية، بعد أن كان معروفا بالفن التشكيلي.
يقول يامن: "اكتسبت الثقة بالنفس منذ ذلك المعرض وقررت المواصلة في هذا المسار، وقد زادني اختلاف وتفرد ما أنتج إصرارا على المضي قدما".
ولم يكن الطريق سهلا أمام يامن، بعد أن واجه عددا من العراقيل والصعوبات، أهمها غياب الدعم المادي. يضيف "يامن": "يتطلب صنع مجسم فني التكفل بإنجازه من البداية إلى غاية الانتهاء منه، خاصة أن عملية إنجاز التحف تستغرق مراحل تدوير القطعة الواحدة منها الكثير من الوقت، قد تصل أحيانا إلى شهرين، كما تتطلب المنحوتات معدات ومواد خاصّة ومتوفرة بأسعار مرتفعة".
ويواجه يامن في أغلب الأحيان صعوبة في نقل مجسماته الضخمة إلى المعارض التي تبعد أماكنها جغرافيا عن مدينة القصرين مسافات طويلة، حيث تتطلب عملية نقل المجسمات تخصيص وسائل ذات حمولة كبيرة، يتكفل يامن بكل مصاريفها وحده، في ظل غياب الدعم المادي والمساعدات المالية.
الفيديو :