الملح الذّي سيكون محور التقرير المصوّر لقناة "ستيب فيديوغراف" والمصاحب لهذا المقال، ليس فقط ذلك “السمّ الأبيض” الذّي يحذّر الأطباء من الإفراط في استهلاكه، بل هو ثروة طبيعيّة كانت السبب وراء بداية مسيرة الإستقلال في الهند بقيادة الزعيم غاندي عندما تحوّل نهب بريطانيا في ذلك الوقت لثروة البلاد من الملح عنوانا لمسيرة كبرى انتهت بطرد القوى الاستعماريّة. في تونس، تتغيّر الاسماء والتفاصيل والظروف السياسيّة والتاريخيّة، ولكنّ الملح، ذلك الذهب الابيض، ظلّ لسنوات ثروة محرّمة على اهل البلاد.
صناعة الملح "الذهب الأبيض" في تونس تعد من الأفضل والأجود بالعالم كله لتغزو بذلك الأسواق الأوروبية وذلك من خلال إنشاء قاعدة صناعية متنوعة نجحت بشكل لافت في استقطاب كبرى الشركات العالمية التي تهافتت نحو الدولة العربية الإفريقية باحثين عن مكان لهم حيث اصطدموا بالدولة الفرنسية التي احتكرت الصناعة لنفسها لسنوات عديدة منذ الاحتلال ما جعلها تصطدم هي الأخرى بثورة جامحة من الشعب التونسي الراغب بالتنعم بثروات البلاد.
وقد بلغت قيمة انتاج الملح في تونس حوالي 2 مليون طن من مادة الملح "كلوريد الصوديوم" سنويا، وفق تأكيد المكلفة بالإدارة العامة للمناجم نجاح الشريف.
وقالت الشريف في تصريح صحفي على هامش أشغال صالون MEDARTSAL للملاحات الحرفية بالمتوسط مؤخرا، إن هذه المادة يتم تصديرها من تونس إلى الدول الأوروبية والاسكندنافية على غرار النرويج خصوصا وإنّ هذه الدول في حاجة إلى الملح لاذابة الثلوج، وفق تأكيد ذات المسؤولة.
وستعمل مادّة كلوريد الصوديوم لانتاج ملح الطعام للسوق المحلية وكذلك في إذابة الثلوج ويتمّ تخصيص نسبة من هذه المادة في المجال الصناعي.
وشددت ذات المسؤولة على أن الدولة تشجّع على ثمين الأملاح الأخرى الموجودة في السباخ التونسية على غرار البوتاسيوم والبروم والليثيوم والمانيزيوم.
ويعدّ شطّ الجريد من المناطق الواعدة التي يمكن استغلالها بيئيا وسياحيّا وأيضا اقتصاديّا خاصة من ناحية استخراج الملح من النوعية ذات الجودة الكبيرة لكن الى حدّ الآن هناك غموض في استغلاله بل سريّة في منح عقود الاستخراج منه كما اماكن اخرى تتواجد بها ملاّحات ليبقى السؤال المهم : اين تذهب موارد الملح اوالذهب الأبيض الحقيقيّة وكم تنتج بلادنا فعلا وبدقة من هذه المادة ومن يستفيد منها وهل هناك مراقبة صارمة من الدولة حول الكميات المستخرجة و سلامة الصفقات واللّزمات من الناحية القانونيّة وهل من المقبول الآن الخضوع لشروط لزمة وضعت بنودها عام 1949 ام جاء الوقت لمراجعتها ؟
ضمن كل هذا نفهم لماذا تحرك المحامون لفتح هذت الملف لان ما يحصل هو نهب فرنسي لثرواتنا من دون وجود سلطة سياسية قادرة على تحمل مسؤوليتها مواجهة الناهبين الأجانب.
وفق الاتفاقية فان انهاءها يتطلب الإعلام بذلك قبل 10 سنوات وهو ما فعلته حكومة الشاهد لكن علينا الانتظار الى 2029 لتناهي الاتفاقية.
الفيديو :